التسجيل في قاعدة بيانات خبراء التغيرات المناخية

صاحب الجلالة الملك محمد السادس يلقي خطابًا في أول مؤتمر للجنة المناخ لمنطقة الساحل

25 فبراير 2019

بعون الله، وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس خطابًا إلى المؤتمر الأول للجنة المناخ لمنطقة الساحل، الذي افتتحت أعماله يوم الاثنين في نيامي، النيجر.

إليك النص الكامل للخطاب الملكي الذي قرأه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، السيد ناصر بوريطة:

الحمد لله، الصلاة والسلام على النبي، وعلى آله وصحبه.

فخامة رؤساء الدول والحكومات،

فخامة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي،

حضرات السيدات والسادة،

يسرني بشكل خاص أن أتوجه إلى رؤساء الدول والحكومات المجتمعين بمناسبة المؤتمر الأول للجنة المناخ لمنطقة الساحل.

الساحل، الذي يشكل حلقة وصل بين شمال وجنوب إفريقيا، يتعرض اليوم لتأثيرات كبيرة نتيجة لتغير المناخ. وبالتالي، فإن التحدي الرئيسي يكمن في التعامل مع قضايا المناخ بشكل فعال، مع العمل في الوقت نفسه على تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والاستجابة للاحتياجات الأمنية.

في هذا الصدد، أود أن أعبر لأخي، الرئيس محمدو إيسوفو، عن تهانئي الصادقة على ما تم تحقيقه من تقدم من أجل تفعيل لجنة المناخ لهذه المنطقة.

إن الموقع الجغرافي للنيجر يمنحه بشكل طبيعي مركزية تتيح له تعزيز الاستقرار والأمن والتنمية في منطقة الساحل، وبالتالي في قارتنا بأسرها.

فخامة الرؤساء،
سيداتي وسادتي،

الواقع واضح: التهديدات المناخية التي تهدد منطقة الساحل معروفة؛ فهي تؤثر على الحياة اليومية للسكان وتؤثر سلباً على التنمية الاجتماعية والاقتصادية واستقرار المنطقة.

في هذه المنطقة الاستراتيجية، ندرك أكثر من أي مكان آخر كيف تتأثر ظروف الحياة بشكل وثيق بالبيئة.

ستستمر ندرة الغذاء وانخفاض المخزون المائي بالإضافة إلى التصحر، الناتج عن الاحتباس الحراري، في دفع شبابنا إلى طريق المنفى، مما يحرم قارتنا من جزء من قواها الحية.

تتطلب مثل هذه التهديدات منا ومن شركائنا أن نستثمر بشكل مكثف وأن نلتزم بالكامل للاستجابة لتطلعات الشعوب وتحقيق أهداف التنمية الشاملة.

النضال من أجل العدالة المناخية هو، بالنسبة للأفريقيات والأفارقة، نضال من أجل الوصول إلى حياة أفضل وكريمة وكذلك من أجل مستقبل واعد.

لأن العدالة المناخية يجب ألا تكون مجرد شعار؛ بل يجب أن تكون بالنسبة لنا جميعاً ضرورة: ضرورة منح شعوبنا وصولاً آمناً إلى الموارد الأساسية. وهكذا نحافظ على شبابنا من اليأس، مما يحول دون أن يصبح فريسة للمنظمات الإجرامية والإرهابية.

فخاماتكم،
سيداتي وسادتي،

إن تعبئة الفاعلين ضد الآثار المدمرة للتغيرات المناخية يجب ألا تتوقف عند الحدود الوطنية. بل يجب أن تتجاوز جميع الانقسامات.

وبهذه الطريقة، فإن القمة الإفريقية للعمل، التي عقدت بمبادرتنا في نوفمبر 2016 في مراكش، على هامش مؤتمر الأطراف COP22، كانت بمثابة خطوة سياسية قوية. نحن، رؤساء الدول الأفريقية، أطلقنا ديناميكية حول مشاريع عبر الوطنية طموحة وواقعية، يقودها ثلاث لجان، والمغرب هو الشريك المؤسس لها:

  • لجنة الساحل، التي تترأسها جمهورية النيجر؛
  • لجنة حوض الكونغو، التي تترأسها جمهورية الكونغو؛
  • لجنة الدول الجزرية، التي تترأسها جمهورية سيشل.

تم قطع خطوة أولى، في العام الماضي، مع أخينا الرئيس ساسو نغيسو في برازافيل، خلال القمة الأولى للجنة المناخ لحوض الكونغو. حيث تم وضع أسس تعبئة الأطراف المعنية ونهج مبتكر وجريء؛ أسس لأعمال المستقبل، تحمل الأمل والحلول الملموسة للسكان المحليين والإقليميين.

في نفس الروح التي نلتقي بها هنا في نيامي، لتعزيز جهودنا وتماسكها من خلال مقترحات جديدة. فإن إطلاق خطة الاستثمار المناخي لمنطقة الساحل وبرنامجها الإقليمي الأولوي سيكمل المشاريع الجارية بالفعل، والتي هي بالغة الأهمية وضرورية في آن واحد.

في هذا الصدد، يسعدني أن أعلن أن المملكة المغربية ستتولى مسؤولية إجراء دراسات الجدوى لإتمام خطة الاستثمار المناخي هذه.

علاوة على ذلك، يمكن للجنة الاعتماد على مركز الكفاءات لتغير المناخ في المغرب: 4C المغرب، وخاصة في مجال تعزيز قدرات أعضائها. تم تأسيس هذا المركز في عام 2014، وهو يشكل فضاءً للتميز الوطني والقاري من أجل تطوير ونشر المعارف وأفضل الممارسات في مجال تغير المناخ.

فخامة الرؤساء،
سيداتي وسادتي،

يدعونا الشباب الأفريقي إلى فتح الطريق نحو الإمكانيات ووضع قارتنا على مسار صالح، يخلق الفرص. إن مستقبل إفريقيا يعتمد على قدرتنا على تصور أشكال جديدة من الإجابات التضامنية، وفقًا لالتزام ملموس يحترم جميع الشركاء، سواء من الجنوب أو من الشمال.

يمكن لمنطقة الساحل، التي تضم دولًا من شرق ووسط وغرب إفريقيا، أن تصبح نموذجًا للتكامل الإقليمي المتقدم على الأصعدة الاقتصادية والبيئية والسياسية والإنسانية. وتعد اللجنة المناخية لمنطقة الساحل أحد العوامل التي ستساعدها في تحقيق هذا الهدف.

لقد تَشكّلت التاريخ في هذه المنطقة، ومستقبلها سيتحدد هنا. نحن مدينون للأجيال القادمة بالتزام سياسي قائم على عمل مشترك وتضامني، يهدف إلى مواجهة التحديات المناخية.

أشكركم

وَالسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.